وکالة أنباء الحوزة - يبدو أن السيد مقتدى الصدر راهن على الشارع العراقي وفق نظرية العقل الجمعي، بعد أن فشل فشلاً ذريعاً في المضي بمشروعه السياسي الطامح الى الهيمنة المطلقة على مركز صناعة القرار عبر تحالفه الثلاثي مع المكونين الكوردي والسني الذي تصور بخيلائهِ أن الطريق معّبد للهيمنه على مجلس النواب.
تظاهرات الصدريين جاءت بعد أن شعر مقتدى الصدر بأنه تعجل كثيراً في مسألة الاستقالات الجماعية من البرلمان فكانت الفوضى هي الهدف الاستراتيجي الذي عمل عليه وتياره المطيع له. لكن ما ذهب اليه الصدر ليس بغطاء دستوري ولا قانوني، بل على العكس تماما ما يصدر عن الصدر وأنصاره، هو الانقلاب على الدستور والقانون بطرحهِ موضوع حل البرلمان. حتى يكون هناك حلاً للبرلمان يجب أن يلتئم نواب الشعب تحت قبته ومن ثم الذهاب الى المادة ۶۴ من الدستور العراقي التي اعطت نواب الشعب الحق في حل البرلمان وفق السياقات الدستورية.
والأنكى من ذلك، يطالب القضاء العراقي بالتدخل الفوري لحل البرلمان، والقضاء ليس من واجبه ذلك. ولا توجد لائحة قانونية من الممكن أن يستند عليها القضاء للذهاب الى حل البرلمان، مما يعطي انطباعاً واضحاً بأن الصدر ومستشاريه لا يمتلكون الإحاطة القانونية بالدستور العراقي.
في الطرف الآخر، يتصرف الإطار التنسيقي في سلوكياته وفق الدستور العراقي ووفق تحليلات المحكمة الأتحادية التي فسرت الكتلة الاكبر، والتي أُعطيت الحق القانوني والدستوري بتشكيل الحكومة. اليوم ونتيجة لهذه الإرهاصات السياسية الخانقة، يظهر الإطار التنسيقي تمسكه بالشرعية عبر نزول جمهورهُ الى الشارع العراقي لتثبيت حقهُ في إدارة العراق للمرحلة القادمة. يبدو ان الاطار يبعث رسائل للتيار المقتدائي بأن الشارع ليس مطلقاً معكم. ونعتقد أن هذه الرسالة لا تقرأ بشكل جيد من قبل التيار، لرهانه على جمهوره الذي تسود عليه صفة الجهل المطبق والطاعة العمياء لقائد التيار مقتدى الصدر. جميع العراقيين يخشون من استغلال الشارع، خوفاً من التصادم الذي من الممكن أن يحدث ويجر البلاد الى حرب شيعية شيعية وهذا ما ترغب بهِ أسرائيل والاستكبار العالمي حتى يتفتت عضد العراق ومن ثم الذهاب الى مرحلة التطبيع مع الكيان الغاصب.
نعتقد أن موضوع زيارة الأربعين لا يعني شيء للتيار الصدري الذي حاول وسم حراكه بحراك ثورة الإمام الحسين عليه السلام، من خلال تسمية حراكه باسم ثورة عاشوراء. من يتجرأ على خصوصية الإمام الحسين وثورته، لا أعتقد يهمه زوار الحسين وأربعينه الخالدة.
حفظ أمن الزائرين موكول الى الحشد الشعبي الذي يدافع بضراوة عن المناسبات الدينية الاسلامية في كربلاء وغيرها من مدن العراق. تظاهرات الجمعة الإطارية، هي ردة فعل قوية على الشغب والفوضى التي أحدثها الحراك الصدري الذي أستباح البرلمان العراقي ومنع جلساته. هي رسائل الى الداخل والخارج على حد سواء. جُل ما نخشاه وهذا تقريباً راسخ لدينا ان التيار الصدري تقوده وتحركه أجندات خارجية تتقصد أضعاف الشيعة ومصادرت حقهم في تشكيل الحكومات العراقية التي تدعو لخروج المحتل الأمريكي من العراق، ولا نستبعد إطلاقاً تدخل السفارة الاميركية في الحراك الصدري، لحرف بوصلة التوجه لرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يعمل ليلاً نهارًا من أجل ذلك.
إجمالاً نعتقد أننا أمام مرحلة خطرة جداً في حال لم يتم التوصل الى اتفاقات تفضي الى الخروج من هذه الأزمة السياسية الخانقة في القريب العاجل، علماً أن الأطراف الاخرى المشاركة في العملية السياسية العراقية من المكون السني والكوردي لا يعني لهم الاختلاف الشيعي الشيعي، ونعتقد بأنهم هم انفسهم مستفيدين من هذه الازمة التي تعصف بالعراق.
أخيرا نقول ونكرر بأن الحل يكمن في اللجوء الى الأطر الدستورية والقانونية لحل الخلاف. وأن الفوضى مهما طال أمدها، لايمكن أن تكون بديلاً مناسباً لحلة الازمة.